
الطفل منذ الولادة
الذى يشغل الطفل منذ الولادة أربعة أسئلة تحتاج أن يجد إجابة عنها، فجميعها بترتب بعضها علي بعض.. السؤال الأول .. ما الموجود هناك ؟ فالطفل تدفعه رغبته في إكتشاف البيئة من حوله فمثلا في غرفته يحتاج أن يعرف إلي أين يذهب وأيضا كيف يعود ؟ هو يحتاج إلى معرفة الاتجاهات والزمان والمكان. فهو يبدأ بالنظر من حوله ويقيس المسافات والأبعاد. وبعد أن يكتشف البيئة المحيطة به يتم ترجمة ما اكتشفه إلي معلومات ثم يتم إختزانها بداخله هذا ما يسمي إمتصاص البيئة … هذا غالبا يحدث منذ ولادة الطفل وحتى ثلاث سنوات وهذا ما نسميه بالعقل الماص.
ثم يأتي السؤال الثاني .. ما الذى يمكنني أن أفعله بما إختزنته وما إمتصصته بداخلي من معلومات من بيئتي؟ تتحول تلك المفاهيم الي خبرات ومعارف وهذا ما نسميه العقل المستوعب الواعي يبدأ الطفل في فهم ووعي ما اكتشفه في بيئته ويحوله إلي معارف ومفاهيم وخبرات تساعده في عمليتة التنموية.
ثم يأتي الخطوة الثالثة الإنتقال من الحلم إلي الحقيقة وسؤال كيف يمكنني تحقيق وتنفيذ أفكاري المجردة ؟ .. فهناك خمسة مفاتيح للسلوك (التجربة – الدقة – التكرار – التحكم في الخطأ- الكمال ) هذه المفاتيح لسلوك الطفل هي التى تسهم وتدفع بعمليته التنموية. الطفل يظل مشغول بنفسه حتى هذه اللحظة مشغول بإكتشاف بيئته ثم مشغول بتفسير ما اكتشفه ومن خلال مفاتيح السلوك الخمسة بدأً من التجريب والدقة وتكرار العمل مرات ومرات والتحكم في الخطأ حتى يصل إلي خبرة صحيحة كاملة وهذا بالطبع يكون متبوع بنمو الشخصية الجسماني والنفسي والحركي ، ثم نأتي للمكون الرابع الذى يتمم الشخصية وهو النمو الإجتماعي فيظهر لدى الطفل السؤال الرابع كيف يمكنني أن أخبر الآخرين بما فعلته وما توصلت إليه ؟ هنا تظهر حاجة الطفل للتواصل مع الاخر وهنا يبدأ النمو الإجتماعي للطفل.
والطفل يكتمل نموه بعد سن 24 سنة حيث أن التكوينات العصبية الأساسية في الفصوص الأمامية للمخ البشري لا تكتمل حتى سن الرابعة والعشرين تقريبا. ولكي يتم تواصل الطفل مع الآخرين هو يحتاج إلى وسيلة ، هنا تظهر وظيفة اللغة حيث أنها وسيلة لتوصيل أفكارنا للآخرين.فكلمة طفل باللاتينية هي Infant وهى تعني غير قادر علي الكلام ، فاللغة هي مفتاح الذكاء بكافة أنواعه وأوله الذكاء الإجتماعي.
ولكي يحدث تشكيل ذاتي للطفل يجب استكمال ثلاثة جوانب فيه الاستقلالية والحركة المتناسقة و اللغة. فالإستقلالية تجعله مكتفيا ذاتيا وهذا الإستقلالية لن تكون إلا إذا بدأ الطفل يحظي بحركة متناسقة فيمكنه أن يتحرك بإنسيابيه ودون عقبات. ويتحكم في جهازه الحركي بمنتهى الثقة والأريحية وذلك يبدأ من قدرة الطفل على المشي إلى التحكم في كل حركاته ، ثم يشرع في استكمال الجانب الثاني وهو اللغة حتى يتمكن من التعبير عن نفسه وتفسير حركاته تلك وكذلك التواصل مع الآخرين من خلالها.. فالطفل إن استكمل جانبي الحركة المتناسقة واللغة فإنه سيكون من السهل عليه أن يصبح مستقلا ومكتفيا بذاته فيمكنه خدمة نفسه بنفسه وربما مع الوقت يمكنه خدمة الآخرين ودورك أنت كبالغ أن تساعده في رحلته تلك منذ بحثه عن إجابة لسؤاله الأول وحتى يصل إلي إجابة سؤاله الرابع ويصل إلي الاستقلال ذاتيا ويمكنه التعبير عن نفسه ومشاعره بشكل جيد.